عملية جريئة للمقاومة تُسـقط أوهـام مفاوضات واشنطن:
مقتل 4 مستوطنين قرب الخليل وحماس تعلن مسؤوليتها
|
اشكنازي يصل إلى مكان العملية قرب مدينة الخليل في الضفة الغربية أمس (رويترز) |
|
|
عناصر من شرطة الاحتلال يتفحصون سيارة المستوطنين الذين قتلوا في عملية الخليل أمس (أ ف ب) |
|
|
نفذ
مقاومون فلسطينيون، مساء أمس، عملية جريئة في الضفة الغربية، اعلنت حركة
حماس مسؤوليتها عنها، وأسفرت عن مقتل أربعة مستوطنين قرب بلدة بني نعيم
شرقي مدينة الخليل المحتلة، وذلك عشية انطلاق المفاوضات المباشرة بين
إسرائيل والسلطة الفلسطينية، التي ستبدأ التحضيرات العملية لإطلاقها
ابتداء من عصر اليوم، حيث تعقد وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون
اجتماعين منفصلين مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يسبقان عشاء عمل يقيمه الرئيس باراك أوباما،
ويشارك فيه أيضاً الرئيس المصري حسني مبارك والملك الأردني عبد الله
الثاني.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن مقاومين أطلقوا النار، عند
الساعة السابعة والنصف من مساء أمس، على سيارة إسرائيلية عند مفترق بلدة
بني نعيم قرب مستوطنة «كريات أربع»، ما أسفر عن مقتل أربعة مستوطنين.
ونقلت
وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر أمنية إنه بعد عملية إطلاق النار، اقترب
المسلحون من السيارة التي تواجد فيها القتلى، وأطلقوا النار مرة أخرى
للتأكد من مقتلهم، مشيرة إلى أن القتلى هم رجلان وامرأتان من عائلة واحدة،
ويقيمون في مستوطنة «بيت حجاي» جنوبي مدينة الخليل.
وقالت مصادر في الجيش الإسرائيلي إنه لم تكن هناك إنذارات تحذر من وجود نية لتنفيذ هجوم كهذا،
برغم
وجود تقديرات بأن «المنظمات الإرهابية الفلسطينية ستحاول تخريب جهود
استئناف المفاوضات، إلى جانب محاولات من جانب المستوطنين لإثارة
استفزازات».
يذكر أنّ مستوطنة «كريات أربع» تعتبر أحد معاقل غلاة
المستوطنين اليمينيين المتطرفين، وهي تقع في قلب الخليل، حيث يسكنها نحو
500 مستوطن غالباً ما يشنون اعتداءات متواصلة على الفلسطينيين بحماية جيش
الاحتلال. وتأتي عملية الأمس بعد أقل من عام على مقتل مستوطن يهودي في
عملية نفذها مقاومون بين مستوطنتي ايناف وشافي شمرون في شمالي الضفة
الغربية في كانون الأول الماضي.
وإثر العملية، اقتحمت قوات كبيرة من
الجيش الإسرائيلي بلدة بني نعيم، حيث أعلنت، عبر مكبرات الصوت، فرض حظر
التجول في البلدة، وشرعت في شن عملية دهم للمنازل. وقال مصدر أمني فلسطيني
ان حالاً من التوتر الشديد تسيطر على معظم بلدات الخليل، مشيراً إلى أن
هناك حركة مكثفة لقوات الاحتلال في البلدات والقرى المحاذية لمستوطنة
«كريات أربع».
وتوعّد وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك منفذي
العملية بأنهم «سيدفعون الثمن باهظاً»، معتبراً أنّ «هذه محاولة في ما
يبدو من قبل إرهابيين منحطين لتخريب محاولة إنجاز عملية دبلوماسية،
ومحاولة للإضرار بفرص المحادثات التي ستبدأ في واشنطن».
من جهته، قال
متحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن عملية الخليل
تعني أنه «لن يكون هناك تنازلات حول مطالب إسرائيل الأمنية».
وأعلنت
«كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة حماس، مسؤوليتها عن العملية، مشيرة
إلى أنّها تمثل «رد فعل طبيعيا على جرائم الاحتلال، وتأكيداً على حضور
المقاومة بالرغم من حرب الاستئصال»، وأكدت أنها «جزء من سلسلة عمليات».
فيما
قال المتحدث باسم حماس سامي أبو زهري «نحن نبارك هذه العملية، ونؤكد أنها
دليل على فشل التعاون الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال لإجهاض
مشروع المقاومة»، في حين اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي أنّ العملية أتت
لتؤكد أن «لا قيمة ولا جدوى للمفاوضات».
أما رئيس الوزراء الفلسطيني،
سلام فياض، فاعتبر «أن العملية وتوقيتها يستهدفان الجهود التي تقوم بها
منظمة التحرير الفلسطينية لحشد الدعم الدولي للموقف الفلسطيني إزاء
متطلبات نجاح العملية السياسية وقدرتها على إنهاء الاحتلال وتحقيق الحرية
والاستقلال لشعبنا».
في هذا الوقت، بدأت كلينتون بعقد سلسلة اجتماعات
مرتبطة بملف المفاوضات، حيث اجتمعت، أمس، مع وزيري الخارجية المصري أحمد
أبو الغيط والأردني ناصر جودة، على أن تجتمع اليوم مع عباس، ثم مع الرئيس
الأميركي الأسبق جيمي كارتر، وممثل اللجنة الرباعية طوني بلير، فيما سيكون
اجتماعها الأخير ليلاً مع نتنياهو، قبل أن يشارك عباس ونتنياهو ومبارك
والملك عبد الله الثاني في حفل عشاء يقيمه أوباما لإطلاق المفاوضات
المباشرة بشكل رسمي.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيليب
كراولي أوضح أنه «بالرغم من أن محددات اتفاق سلام نهائي وشامل معروفة
جيدا، إلا أننا لا نتوقع تحقيق السلام خلال اجتماع واحد»، مشيراً إلى أنّ
الإدارة تعتقد أن هذه العملية يمكن أن تؤدي إلى التوصل لاتفاق سلام «في
إطار زمني مدته سنة واحدة».
ولم يعلق كراولي مباشرة على عملية الخليل
واكتفى بالقول إنه «واع بأن لاعبين في المنطقة يمكن أن يرتكبوا عمداً
عمليات من هذا النوع لتخريب عملية السلام».
ووصل نتنياهو، بعد ظهر أمس،
إلى واشنطن، بعدما سعى إلى طمأنة معسكر اليمين الإسرائيلي بأنّ حكومته لا
تعتزم تمديد قرار التجميد للبناء الاستيطاني في الضفة الغربية.
وذكرت
صحيفة «هآرتس» أن نتنياهو أجهض، قبيل مغادرته إسرائيل، اقتراحاً أميركيا ـ
فلسطينياً بعقد لقاء مشترك لطاقمي المفاوضات الإسرائيلي والفلسطيني
المتواجدين في واشنطن مع المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج
ميتشل، مشيرة إلى أنه على اثر هذا الرفض، سيلتقي ميتشل رئيسي الطاقمين
الفلسطيني صائب عريقات والإسرائيلي اسحق مولخو، كل على انفراد، لصياغة
البيان الختامي لقمة واشنطن. ونقلت «هآرتس» عن مسؤول في مكتب نتنياهو
تبريره رفض اللقاء المشترك بالقول إن «رئيس الحكومة أراد أن يكون اللقاء
الأول بين الزعماء وليس بمستوى متدن».
ووصل عباس أيضاً إلى العاصمة
الأميركية، عصر أمس، على رأس وفد يضم أمين السر للجنة التنفيذية في منظمة
التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه، ورئيس دائرة شؤون المفاوضات في المنظمة
صائب عريقات، وعضوي اللجنة المركزية في حركة فتح نبيل شعث ومحمد اشتية،
والمتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، الذي قال فور وصوله إلى
واشنطن «نحن جاهزون لمفاوضات جدية وحقيقية تؤدي إلى إنهاء الاحتلال، على
أن مرجعيتها بيان الرباعية والشرعية الدولية».
وقبيل مغادرته رام
الله، اعتبر عباس أنّ فرص التوصل إلى اتفاق سلام مع الإسرائيليين، خلال
فترة عام، تتوقف على قدرة الوسطاء الأميركيين على الدفع باتجاه تذليل
العقبات القائمة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، محذراً من أنه سيكون
صعباً الاستمرار في هذه المفاوضات ما لم توافق إسرائيل على تمديد قرار
التجميد في البناء الاستيطاني بعد انتهاء سريانه في السادس والعشرين من
أيلول.
وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» كشفت النقاب عن أن عباس أجرى
محادثات سرية مع وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك، خلال الزيارة التي
قام بها الأخير للعاصمة الأردنية عمّان الأحد الماضي، مشيرة إلى أنّ
اللقاء تناول الترتيبات الأمنية في الضفة الغربية والاستعدادات لقمة
واشنطن.
في هذه الأثناء، حذّر وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط،
في مقابلة تنشرها مجلة «المصوّر» اليوم، من أنّ هناك إمكانية لفشل
المفاوضات المباشرة في حال عدم استجابة إسرائيل للمطالب الدولية، مهدداً
بذهاب العرب إلى مجلس الأمن الدولي للحصول على قرار كامل يتعلق بالتسوية
ومستقبل الدولة الفلسطينية.
من جهته، قال الرئيس الإسرائيلي شمعون
بيريز إن لديه انطباعا بأن «رئيس الوزراء (نتنياهو) على دراية بمدى أهمية
المهمة التي تنتظره، وأنه مستعد لها». وشدد على أنّ حل الصراع بين إسرائيل
والفلسطينيين يتمثل في إقامة «دولتين لشعبين، عبر إقامة دولة فلسطينية
ديموقراطية منزوعة السلاح، إلى جانب إسرائيل»، مشيرا إلى أن أي «حلول أخرى
ستكون خطيرة».
في هذه الأثناء، دعا الزعيم الروحي لحركة «شاس»،
الشريكة في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، عوفاديا يوسف إلى استئناف البناء
في المستوطنات والبناء في كل مكان وكل زاوية في أراضى إسرائيل والقدس
والضفة الغربية»، مطالباً رئيس الحزب ووزير الداخلية إيلي يشاي بـ«العمل
الجدي على عدم تجديد فترة تجميد الاستيطان وبناء أكبر قدر من الوحدات
الاستيطانية في الضفة الغربية». وأضاف «علينا ألا نوقف البناء في
المستوطنات مرة أخرى مهما كان ثمن هذا الموقف غاليا».
وفي طهران،
اتهم وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي زعماء عربا لم يسمهم بـ«خيانة»
شعوبهم من خلال المشاركة في مفاوضات التسوية. وخاطب متكي «بعض القادة
الذين يخوضون مفاوضات السلام مع الكيان الصهيوني (إسرائيل) وفقا لاملاءات
أميركا بالقول: عليكم أن تدركوا أنكم تمارسون مبدأ الخيانة مع شعوبكم وان
مفاوضاتكم تعد مسمارا في نعش هذا السلام».
المصدر الأساسي وكالة رويترز