حالات الجوع والعطش وارتفاع حرارة الطقس التي صاحبت الأيام الاولى من شهر رمضان تجعل البعض من الصائمين ينفعلون بسرعة وتكون ردود أفعالهم محدودة دون ان تتجاوز دائرة الخطورة.. أما اذا تسلل الشيطان بين أنسجة الأمزجة فإن الوضع يصبح قابلا للتصعيد بحدوث صور متعاقبة وسريعة عند بدايتها وتنتهي بحصول مصيبة أو كارثة يجسمها الانسان بتخطيط من الشيطان.
هذا ما حصل في اليوم الثالث من شهر رمضان المعظم وبالتحديد يوم الجمعة الماضي عند الساعة الواحدة بعد الزوال حيث أقدم رجل مسنّ في العقد السادس من العمر على طعن زوجته بسكين في رقبتها عن غير قصد ففارقت على اثرها الحياة قبل وصولها الى المستشفى، وقد تم اعلام السلط الامنية بالحادثة فحل أعوان الامن بحضور مساعد السيد وكيل الجمهورية بالقيروان الذي عاين الجثة وأذن بتحويلها الى قسم الطب الشرعي.
وتقول المعلومات حول هذه القضية ان الجاني شيخ من مواليد 1951 بمنطقة الحوفية من معتمدية حفوز عرف بين أهله وعشيرته بهدوئه ورصانته وحسن أخلاقه تزوّج من الضحية وهي امرأة فاضلة تحتل مكانة كبيرة من الاحترام والتقدير من الجميع لطيبتها فانجبا ثمانية (
أبناء تساوى عددهم بين إناث وذكور وتتراوح أعمارهم بين 15 و35 سنة، وقد «تناوش» الزوجان يوم الحادثة لأسباب تافهة تتعلق بتقديم العلف للماشية ويظهر انه تحت تأثير الصيام وما يخلفه من ضعف وتعب أراد كل واحد ان يوكل المهمة الى الآخر... ومن طور المناوشة ارتفعت الأصوات على غير عادتها مما اثار غضب الزوج الذي كان بصدد تقطيع صفائح من كروم الهندي بموسى... فلوّح بها تجاه زوجته قصد تخويفها لتكف عن الشجار فلمست الآلة الحادة الشرايين العليا لرقبتها.. فسقطت الضحية على الارض والدماء تنزف بغزارة من موقع الاصابة.
وحسب ما جاء في أقوال الزوج امام فرقة الابحاث والتفتيش بحفوز فإنه لم ينو بتاتا الحاق الضرر والأذى بزوجته، بل انه بيّن انه لم يظلم أحدا طوال الستة عقود من عمره وان حياته مع زوجته تكاد تكون نموذجية في المنطقة من حيث حسن المعاشرة... وانه لا يصدق نفسه انه قتل أم أبنائه الثمانية وانه لم يعد يتذكر او يستحضر الاسباب التافهة للحادثة حتى بقي يردد في أكثر من مناسبة طالبا العفو من ا& ومن زوجته ومن أبنائه.
يومها اختفى قرص الشمس المحترق وراء الأفق البعيد تلاه صوت مؤذّن من أعلى صومعة قصيرة ينادي لصلاة المغرب وبقي بيت العجوز كئيبا بفوانيسه الخافتة.. لم تشتعل نيران تحت مواقد وبقيت الأواني فارغة من الطعام وتواصلت مدة الصيام عند الابناء والبنات الى ما بعد الامساك... بل حتى طلوع شمس نهار اليوم الموالي لتكشف عن وجوه شاحبة وبطون خاوية... ورجل عجوز جاثم وراء القضبان يبكي وداع الحبيب وفراق الابناء... وغثاء أغنام لم تر أحدا من أصحابها يدنو من زريبتها.
عبد الحميد السالمي
عن جريدة الشروق التونسيه
........................................أحييكم بخالص الود
............................................تامر رسوق