كلمة السيد اللواء حافظ الأسد وزير الدفاع خلال لقائه مع نسورنا في إحدى القواعد الجوية
13/5/1966
أيها الرفاق :
لقد اعتدت أن اجتمع إليكم في هذه القاعدة بالذات اجتماعات مطولة ، وأن أتحدث إليكم بكل صدق وصراحة حول ما يدور داخل القطر ، ولكن طالما رأيتم أن يكون لهذا اللقاء طابع الحفل ، فسأحاول أن أوجز وسأترك التفاصيل للقاءات قريبة مستقبلة .
أيها الرفاق :
لقد قامت ثورة الثامن من آذار لتقضي على الانفصال الذي حاول أركانه ومؤيدوه أن يجعلوا منه عقيدة تبعد هذا الشعب عن واقعه ، وتبعده عن تاريخه ، وتزيف هذا التاريخ بكل مايملك هذا التاريخ من مجد وحضارة وسؤدد ، وكلنا نعلم كيف وقفت الصعاب أمام هذه الثورة وكيف حاول أعداؤها أن يبعدوها عن الطريق السوي التي قامت من أجله . كلنا نعلم كيف وقفت الرجعية واستخدمت كل الأساليب وكل الأسلحة التي استخدمها الاستعمار ، ولكن كل هذه الأساليب ، وكل هذه الأسلحة باءت بالفشل ،
وعادت خاسرة مدحورة إلى صدور مستعمليها ، ونحن كجيش عقائدي وكجزء من هذا الشعب العامل لانلوم الرجعية ، ولكننا نتهمها بالجبن . لانلومها لأنها اعتادت أن تستغلنا طيلة التاريخ . أن تستغل العمال والفلاحين ، واعتادت أن تكون دائما في هذا الجيش السلاح القوي الذي تستخدمه ، وبنا نحن ضد الكادحين وضد الفقراء في هذا البلد ، ولم تحاول أن تستفيد من تجاربها معنا كما لم تحاول أن تستفيد من تجارب أعداء الشعوب في دول أخرى من دول العالم .
لم تستفد من تجاربها إطلاقا ، ولكننا نقول ونؤكد إن الرجعية تؤدي لنا خدمات جلى ، وأخشى ما نخشاه أن لاتتعرض ثورتنا للمصاعب لأنني كما ذكرت في أحاديث سابقة معكم إنه بمقدار ما تتعرض هذه الثورة إلى العراقيل والمصاعب والثغرات بمقدار ما تندفع نحو تحقيق أهدافها بأقصر وقت وأقصر طريق . استخدمت ضدنا السلاح والتآمر المسلح فلم ينجح واستخدمت ضدنا الحرب الاقتصادية فلم ينجح واستخدمت ضدنا الدين وكأن الدين ملك لها ، فلم ينجح واستخدمنا ضدهم سلاحا واحدا فقط وهو سلاح الإخلاص لهذا الشعب والإيمان بالكادحين من هذا الشعب وتجد أن الطريق الذي تسير عليه الآن تجد أن الحرب التي تشنها الرجعية والأسلوب الذي تتبعه يختلف إلى حد ما عن الأساليب التي اتبعها خلال السنوات الثلاث الماضية كلكم تسمعون الإشاعات لامجال لحصرها الآن لأنها كثيرة تسمعون أن هنالك خلافات في القيادة القطرية وأن فلانا يهيئ الانقلاب وأن فلانا في السجن إشاعات كثيرة لامجال لحصرها الآن ، وأن الحكم في سورية أيضا تحول إلى حكم شيوعي إلى غير ما هنالك من الإشاعات ونحن نقول لهم إننا آسفون لأننا لم نستطع حتى الآن أن نجد ما نختلف عليه وآسفون لأننا لانستطيع أن نحقق لكم ما تأملون تحقيقه فلا خلاف بيننا إطلاقا ، ونؤكد لهم أن لدينا دراسة تحليلية كاملة قبل أن نقدم على حركة الثالث والعشرين ، ولدينا تقييم لكل الفئات السياسية في هذا القطر ، وكان الاتفاق حول هذا التقييم بالإجماع ولذلك فلا مجال للخلاف إطلاقا ، ونؤكد لهم أن كل القرارات التي صدرت حتى الآن من القيادة القطرية كانت بالإجماع وليس بالأكثرية ، نؤكد لهم أنهم لن يدخلوا من مثل هذه النوافذ إطلاقا لأنها مسدودة أمامهم ولأنها بالأصل غير موجودة إطلاقا ، وإذا ما حدث خلاف في هذه القيادة القطرية ، فسنلجأ إلى مؤتمرات الحزب لأن المؤتمرات هي التي ترسم لنا السياسة وهي التي تحدد لنا الطريق التي يجب أن نسير عليها ولكننا حتى الآن لم نجد ولم نفكر إطلاقا أن لدينا أية حاجة لدعوة مؤتمر قطري كي يحل الخلاف الذي يتحدث عنه أعداؤنا وأعداء الشعب وهم يعرفون الحقيقة ، أعداء الشعب قادة الرجعية في هذا البلد ، يعرفون الحقيقة ويعرفون أن لا خلاف بيننا ولكنهم يريدون أن يشنوها علينا حربا نفسية ونحن نؤكد لهم أنهم إذا لم يستفيدوا من التجارب التي مروا بها فقد استفدنا نحن لقد استفدنا نحن ، لقد استفدنا من التجربة . إن التسامح له حدود وإن حدود هذا التسامح تنتهي عندما يبدأ حق الشعب ، ولذلك لن يجدوا إطلاقا أي تسامح عندما تسنح الفرصة وعندما يدفعوننا دفعا لخوض المعركة التي نحن بأمس الحاجة إليها نحن نعتقد أن أي تسامح عن أخطاء أعداء الشعب إنما هو غدر وإهمال لحقوق الشعب وإذا كنا وقعنا في الماضي وارتكبنا مثل هذه الأخطاء وعفونا عندما يجب أن لا نعفو ، وليس من حقنا أن نعفو ، فلن نرتكب مثل هذه الخطيئة مستقبلا أبدا ، ونؤكد لهم أننا قبل أن نقدم على حركة الثالث والعشرين فقد وضعنا كل الحلول لأسوأ الاحتمالات ولكل الاحتمالات ونحن كنا نتوقع صعوبات أكثر وعراقيل أكثر ولكننا صدمنا فلم نجد صعوبات ولن نجد عراقيل ونحن نعتبر أن العراقيل والصعوبات إنما هي خدمة كبرى لثورتنا، وتحقيق بأسرع ما يمكن لأهداف شعبنا التي نعمل من أجلها . وليس من قبيل الصدفة أن تتحرك الرجعية المحلية في هذا القطر ضدنا في نفس الوقت الذي تحرك فيه الرجعية العربية ضدنا ، وفي نفس الوقت الذي يتحرك فيه الأسطول السادس وفي نفس الوقت الذي تحشد فيه إسرائيل على حدودنا فالرجعية العربية أيها الرفاق مصيرها واحد ، ولذلك نجدها تخوض معركة واحدة ، فالرجعية في الأردن تخوضها ضدنا معركة شعواء ، وقد سمعنا جميعا تصريح وصفي التل يقول : أننا وضعنا الجيش الأردني على الحدود الإسرائيلية لكي نحمي ظهر الجيش السوري والشعب السوري المهزوز ، بهذا المعنى ، ونحن ونقول أننا نستخف بهم وبتصريحاتهم ، ولن نرد عليهم إطلاقا ، وإننا سنتركهم للمناضلين نقول لهم أننا مع هؤلاء المناضلين العرب في أقطارهم وإذا لم يكونوا جبناء فليخلوا السجون من المناضلين وسنمد لهم يد العون إذا ما طلب إلينا ذلك . أما تصريحات ما يسمى بالوزراء أو المسؤولين في إسرائيل عن أنهم سيؤدبون الدول أو الأفراد أو الجيوش التي تقوم بأي دعم لقوات العاصفة . فنحن لن نناقش موضوع العاصفة الآن لأننا لا نعرف عنها شيئا ولكننا نقول أنه إذا ما كنا المقصودين بهذه التصريحات فليجربوا حظهم هذه المرة ، ولن نرد عليهم أيضا ولن نضيع الوقت لمناقشة مثل هذه التصريحات ، ولكننا نؤكد أنهم إذا ما جربوا حظهم هذه المرة فسيجدون جيشا مختلفا ، وسلاحا مختلفا ، وأسلوبا للحرب مختلفا كل الاختلاف عن كل العهود التي سبقت عهد حزب البعث في هذا القطر . ونقول لهم إننا سنخوضها ضدهم حربا تحريرية كما أقر الحزب وسيدب الذعر في كل بيت في إسرائيل فليجربوا ، وأقول ونحن نأمل ونكرر ونرجو أن يجربوا حظهم لأننا نريد أن نحقق لهذا الشعب ما يصبو إليه وما وعدناه به في مؤتمرات حزبنا القائد .
وكلمة أخيرة نقولها لأعداء الثورة وللشعب في هذا القطر : إننا ملتزمون بمصلحة الجماهير الكادحة في هذا القطر ملتزمون بمصلحة الأكثرية الساحقة من هذا الشعب مصممون على الضرب وعلى سحقهم وتصفيتهم تصفية جذرية جسدية نهائية مرة واحدة وإلى الأبد ، ونرجو ونتمنى أن يخوضوا معنا المعركة هذه المرة ، وليعش نضال الجماهير ضد أعدائها ، وليعش نضال البعث العربي في سبيل الوحدة والحرية والاشتراكية والسلام .