السقيلبية _ عطر الحكمة والاخوة
من أوراق الأب الخوري حنانيا عبدوش
من هم الذين يجب أن يفرحوا فيه ؟
افرحوا أنتم في ميلاد السيد
أنتم….الحزانى المحاطون بالهموم الذين عرفتم من الحياة مرارتها .
أنتم …. الجديرون بفرح هذا العيد .
أنتم … الذين لم تعطيكم الطبيعة جمالاً ومع ذلك تنظرون إلى أرباب الجمال بإعجاب
غير حاسدين ولا متذمرين .
أنتم …. الذين لا تعرفون شيئاً من العلم وتجدون لذةً في مجالسة العلماء فتصغون
لأحاديثهم وتفرحون لما يقولون مظهرين في ذلك غاية القناعة والوداعة .
أنتم …. المرضى في الفراش الذين تنظرون إلى الأصحاء الأقوياء بدون أن تتحرك
فيكم عاطفة الحقد على الطبيعة .
أنتم ….الذين بردت السنين دماءهم وعزائمهم فانطرحوا في أحضان الشيخوخة
ولكنهم ينظرون إلى الشباب فرحين وبكل مسرةٍ يشاهدون ما في الحياة من
صبا وعنفوان وزهو مكتفين بما تشاهده عيونهم من نشاط الآخرين .
أنتم …. المنكسرون أمام قوة العدو ولكنكم لا تنكرون بأسه وشجاعته بل تعترفون بها
ببأس وشجاعة أيضاً .
أنتم ….الذين تلتقطون فتات الخبز من الشوارع ثم تنظرون من ثقوب النوافذ إلى
أفراح الأغنياء وحفلاتهم وولائمهم تنظرون إلى ذلك كأنه شيء غريب تتفكهون
به بدون أن تتحرك في صدوركم عاطفة انتقام .
أنتم …المهملون في هذه الحياة ولكنكم تصفقون للذين نالوا المجد والرفعة وإن يكن
نوالهم هذا بطريق الصدفة وليس عن استحقاق .
أنتم …الذين تحصلون على الخبز بعرق الجبين ثم تشفقون على بطالة الأغنياء
وتراخيهم مشعرين أن تركهم العمل لا يستحق غير الشفقة .
أنتم …الخطأة المجرمون ولكنكم تحترمون الفضيلة وتذكرون عمل الخير بإعجاب وهيبة .
أنتم …الملطخون بالسواد ولكنكم تشتهون النقاوة وتمدحونها وتسعون إليها.
أنتم …الذين تعترفون بقلة ذكائكم ثم تعجبون بذكاء الآخرين وتصرحون به .
أنتم …الغير متدينين ولكنكم تحترمون الأديان وتكرمون تابعيها وتحبونهم .
أنتم …الغير شعراء ولكنكم تقدسون موهبة الشاعر وتعدون الشعر من الفنون الجميلة
اللازمة لحياة الإنسان وارتقائه .
أنتم …الفقراء الذين قلوبهم نقية بعيدة عن الحسد .
أنتم …الذين تستحقون المناصب ولا تنالونها فتكتفون بأن تفرحوا لأصحابها وتساعدوهم
على نوالها وتصوتون لهم .
أنتم …الذين لم تجدوا في هذا العالم من يحبكم ويستهام بكم ولكنكم تشاهدون نظرات
الشوق بين المحبين فتعجبون بها وتحترمونها وتعدونها من الأشياء السماوية
اللازمة لسعادة العالم .
أنتم …الذين لا أولاد لكم فتتعزون بوجودكم بين الأولاد _ أولاد الآخرين وتقنعون بذلك .
أنتم …الذين لا تفارقون البشاشة حتى في أحزانكم ومصائبكم .
أنتم …أنتم …أنتم …انتظروا الميلاد الجديد للسيد ليضع لكم الإكليل والتاج ليلبسكم ثوباً
نقياً عليه سطور من السعادة والطمأنينة سطور لا يقرأها في هذه
الدنيا غير لابسيها والذي كتبها .
لأن عظمتكم الغير منظورة هي فوق كل العظمات المنظورة التي تحدث ضجةً وضوضاءً بين الناس .
إن خلو القلب من الحسد هو أعظم فضائل العالم على الإطلاق . هو أقوى من القوة نفسها وأجمل من الجمال ذاته وهو الانتصار الذي يسمو على كل الانتصارات البشرية .
سيأتي السيد في ميلاده الجديد ويضع على جبهتكم قبلة السلام لأنها نصيبكم فقط .
وعندئذٍ تشعرون أن نوراً أشرق في قلوبكم يشبه كوكب الفجر .
ليتغمد الله روح الخوري الاب حنانيا عبدوش
منقول عن موقع الاخ العزيز غيث العبد الله
ابو عصام