احتدام اللعبة النووية
كشف النقاب عن بيان أعده خمسة من أعلى الضباط والمحللين الاستراتيجيين في الغرب، وتم رفعه إلى وزارة الدفاع الأمريكية وقيادة الأطلسي في منتصف شهر كانون الثاني (يناير) 2008م. البيان أو (المانيفستو) دراسة في مئة وخمسين صفحة عليها تواقيع قادة هيئات الأركان السابقين في الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وهولندا، وقد نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية (2008/1/22). شدد البيان على ضرورة أن يكون الغرب مستعداً لشن هجوم نووي وقائي مسبق، لوقف أي انتشار وشيك للأسلحة النووية أو حيازة أي أسلحة دمار شامل أخرى.
وجاء في البيان قول هؤلاء القادة العسكريين حرفياً: "بما أن عالماً خالياً من الأسلحة النووية ليس ببساطة احتمالاً واقعياً، فإن خيار الضربة الأولى النووية يبقى أداة لا غنى عنها. إن مخاطر المزيد من انتشار الأسلحة النووية بات وشيكاً، ويتعين على أمريكا وأوربا تطوير استراتيجية كبرى للتعاطي معها". هذه دعوة واضحة إلى اعتماد توجيه ضربة نووية أطلسية أولى، أو شن حرب نووية استباقية.صراع أمريكي- روسي من جديد:
وهكذا ، لم يكن إعلان الجنرال يوري بالويفسكي، رئيس أركان القوات المسلحة الروسية، يوم 2008/1/20 مفاجئا عندما أكد أن روسيا قد تقوم بتوجيه ضربات نووية استباقية وقائية لإجهاض تهديدات محتملة متزايدة موجهة إليها والى حلفائها. ولئن لفت النظر هذا التصعيد الروسي الخطير الذي بلغ مستوى التهديد بضربة نووية استباقية ، في مقابلة واضحة لتهديدات أمريكية سابقة بتوجيه ضربات نووية استباقية ضد إيران وسواها، فإن الأمر يتجاوز الرد على حالة بعينها، مثل الإصرار الأمريكي على نصب قواعد راداراية وصاروخية في تشيكيا وبولندا على الحدود الروسية، في إطار مشروع الدرع الصاروخي الأمريكي في أوربا، أو التوسع الهائل في تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في دول القوقاز وبحر قزوين، أو الموقف من إيران، أو مسألة استقلال كوسوفو... وإنما هو تصعيد يأتي في سياق استراتيجي شامل، فقبل أن ينتهي العام 2007 رد الأميركيون بحدة على قرار روسيا تعليق عضويتها في معاهدة الحد من الأسلحة التقليدية في أوروبا، وفي المقابل صعّد الروس موقفهم من مشروع الدرع الصاروخي الأميركي في بولندا وتشيكيا.
وتواصلت لعبة شد الحبال بين الطرفين في منطقتي البحر الأسود وقزوين، بما في ذلك الحملة الأمريكية- الصهيونية - الأوروبية التي تستخدم الملف النووي الإيراني واجهة لإعادة صياغة العالم العربي الإسلامي بأسره، واشتداد الحنق الأمريكي بسبب برنامج التسليح الروسي لفنزويلا..
وفي الرابع عشر من تشرين الثاني- نوفمبر 2007، أعلن مسؤولون روس نية بلادهم تزويد القوات المسلحة البيلوروسية بصواريخ "اسكندر"، القادرة على حمل رؤوس نووية، يبلغ مداها 280كم، الأمر الذي اعتبرته أوساط أمريكية عرقلة للانتشار العسكري الأمريكي الذي كاد يستكمل السيطرة التامة بالوجود العسكري المباشر على القوس الاستراتيجي الذي يطوق أوراسيا.. كذلك ازداد القلق الأمريكي من برنامج تحديث الصواريخ الروسية متوسطة المدى عبر استئناف برنامج صواريخ بيرشينغ 2، والصواريخ الجوالة البحرية المرابطة ، ونشر مجمعات صاروخية جديدة متوسطة المدى في أوروبا وشمل التحديث الروسي تحسين وتعزيز منظومات اعتراض الطائرات والصواريخ المهاجمة في مسرح العمليات، مثل منظومات "س -400" و"س-300"، و"انتاي "2500-و"تور-م1" و"إيغلا-س"، و"بوك-م1" و"أوسا- أ ك م"و "وتفوسكا-م ا" جنباً إلى جنب مع تعزيز وتطوير وتحديث القوات الجوية الروسية وكذلك الغواصات النووية والتقليدية.
وقد ركز بعض المراقبين على مقارنة الإنفاق الأمريكي السنوي الذي يتجاوز أربعمئة مليار دولار بالإنفاق الروسي الذي لا يتعدى 60 مليار دولار للإيحاء بنتيجة أي صراع بين الطرفين ، لكن هذه المقارنة قاصرة وساذجة، خاصة إذا ما استعرضنا مقارنات أكثر تفاوتا بكثير بين الولايات المتحدة وفيتنام مثلا، أو بين الولايات المتحدة ومجموعات المقاومة العراقية، أو الحرب الأخيرة التي خسرها الجيش الصهيوني في صيف سنة 2006 أمام مقاتلي حزب الله في لبنان.
آسيا مسرح رئيس للصراع
إضافة لقاعدة الصواريخ في بولندا والرادار في التشيك، سبق أن أعلن الفريق هنري أوبرينغ، رئيس الوكالة الأميركية للدفاع المضاد للصواريخ في آذار 2007 أن الولايات المتحدة سوف تنشر منشآت الدفاع المضاد للصواريخ في منطقة القوقاز، حديقة روسيا الخلفية التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي. وقد ظهرت في الموقع الالكتروني لهذه الوكالة الأميركية فعلا على خارطة منطقة بحر قزوين صورة لرادار أمريكي متنقل يمكن نصبه على منصة سيارة على الأرض أو على سطح الماء، ويتيح رصد الصواريخ الإيرانية، ومراقبة ميادين تجارب منظومات الأسلحة الروسية الجديدة في كازاخستان ومقاطعة استراخان، والإنذار المبكر عن إطلاق الصواريخ واعتراضها. وأكدت تقارير متعددة المصادر أن الولايات المتحدة ضغطت على أذربيجان لا لكي ترفض تمديد استئجار روسيا لمحطة غابالا بعد العام 2012، وإنما تسليم هذه المحطة الروسية الاستراتيجية بكامل تجهيزاتها لقوات أميركية أو أطلسية، مما يشبه غرز سكين في خاصرة روسيا.
آسيا الوسطى ميدان متفجر
لم يخمد نشاط التحرك الأميركي المكثف في آسيا الوسطى كما تشيع بعض الأوساط، وإن كانت أجزاء أخرى من آسيا قد استحوذت على تركيز أمريكي خاص مؤخرا. إن التحرك الأمريكي في آسيا يعيد إلى الأذهان ما حصل عشية الحرب على أفغانستان (الحياة، 2007/05/20)، ويأتي هذه المرة في ظروف أكثر جاهزية، حيث انتشرت القواعد الأميركية العسكرية فوق أراضي عدة دول في المنطقة وحولها، وخاصة في قيرغيزستان وطاجيكستان. وعلى الرغم من إغلاق أوزبكستان القاعدة العسكرية الأمريكية في كارشي خان أباد بسبب موقف واشنطن من أحداث أنديجان، وانتقادها السلطات الأوزبكية فيما يخص حقوق الإنسان ، فإن الولايات المتحدة تستطيع استخدام أجواء تركمانستان المجاورة لإيران، إضافة إلى قواعدها الممتدة غربا على امتداد الساحل العربي للخليج، بحيث تشكل آسيا الوسطى- التي تعززت أهمية موقعها الجيوسياسي- نقطة ارتكاز وانطلاق لشن أي عمل عسكري محتمل في المنطقة فقد اكتسبت المنطقة بعداً استراتيجياً عسكرياً، تجاوز الاهتمام الأمريكي بموارد الطاقة وخطوط الأنابيب فيها.
لقد تعهد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بعدم السماح باستخدام الأراضي الأذربيجانية منطلقاً لضرب إيران بحسب ما نقلته صحيفة "نيزافيسمايا" الروسية. لكن المحلل السياسي الأذربيجاني زردوشت علي زادة عبر عن شكوكه في إمكان أن يتحدى إلهام علييف الإدارة الأميركية، حيث أنه يعتمد على دعم الغرب في شكل مطلق. ورأى هذا المحلل أن انفجار الوضع يؤدي إلى عواقب وخيمة على أذربيجان، إذ "تستطيع فرقة واحدة من الجيش الإيراني احتلال أذربيجان في زمن قصير".
لعبت واشنطن بورقة مد أنابيب لنقل النفط والغاز عبر أذربيجان كبديل لمشاريع روسية مماثلة وكذلك للحيلولة دون تنفيذ مشاريع نقل الطاقة من المنطقة عبر إيران. ولكن يبقى موضوع نشر الدرع الصاروخي الأميركي في أراضي هذه الجمهورية الموضوع الأكثر خطورة، فنشر مثل هذه الصواريخ وما يرافقها في العادة من إقامة قواعد أمريكية يحمل تهديداً مباشراً لإيران المجاورة وكذلك لروسيا. وركزت الحكومة الأمريكية منذ البداية على أن هدفها من نشر شبكة الصواريخ هو حماية الولايات المتحدة وحلفائها من هجوم محتمل بالصواريخ يمكن أن تشنه "الأنظمة المارقة". إلا أن الروس وأكثرية الأوروبيين اعتبروا ذلك تهديداً للاستقرار والأمن الأوروبيين.
وبنت القيادة الأميركية تقديراتها وتوقعاتها مفترضة أن موسكو والدول الأوروبية موافقة على نشر عناصر النظام الدفاعي الأميركي المضاد للصواريخ في الأراضي البولندية والتشيكية. إلا أن القيادة الروسية جابهت الخطة الأميركية في آسيا بحجة أن هذه الخطة تنطوي على مخاطر أمنية على الصعيدين الإقليمي والدولي. ووجهت روسيا صفعة إلى أميركا عبر الاتفاق مع تركمانستان وكازاخستان على إنشاء خط أنابيب جديد لنقل الغاز الطبيعي من آسيا الوسطى وبحر قزوين إلى أوروبا عبر روسيا وهي الفكرة التي كانت تعارضها واشنطن وتعتبرها غير مجدية اقتصادياً، الأمر الذي يعزز موقف روسيا في مفاوضات الطاقة مع الاتحاد الأوروبي.
تفاعلات أدوار البرامج النووية الآسيوية
لئن كثر النقاش عن البرنامج النووي الإيراني الذي بالغت الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية في تضخيم آثاره والتحذير من مخاطره بتحريض إسرائيلي محموم، حتى بعد أن أكد التقرير المشترك لكافة وكالات الاستخبارات الأمريكية أنه ليس لهذا البرنامج جانب عسكري، فإن برامج نووية أخرى في آسيا تفاقم من تعقيد خارطة الوضع الاستراتيجي الآسيوي، ومن البعد النووي في صراع القوى الكبرى على الساحة الآسيوية، فبعد إقرار اتفاق التعاون النووي الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والهند في العام 2007، نشطت تحركات صينية وروسية للحد من احتمالات استخدام هذا التعاون بما يهدد إحدى هاتين القوتين النوويتين، وجرت مساع حثيثة لاستمالة الهند إلى تعاون أوثق، سواء في إطار منظمة دول شنغهاي أو في إطار ثنائي. وبينما أشاعت الولايات المتحدة أنها قد استطاعت إرغام كوريا الديمقراطية على التخلي عن برنامجها النووي، بما في ذلك تفكيك قنابلها ومفاعلاتها النووية في مقابل مبلغ مالي هزيل جدا، راحت كوريا الديمقراطية تكرر القول بأنها لن تتخلى عن سلاحها النووي إلا بعد أن تتخلى الولايات المتحدة عن عدائها لكوريا الديمقراطية. وواضح أن التخلي عن العداء مسألة مطاطة وتعبير مرن حمال أوجه متعددة.
أما باكستان التي شعرت بخيبة كبيرة إزاء الاتفاق النووي الاستراتيجي الأمريكي- الهندي، إلى جانب تصاعد حملة أمريكية- إسرائيلية، فإنها تحذر مجدداً من أن السلاح النووي الباكستاني قد يقع في أيدي متطرفين إسلاميين إذا لم تضع الولايات المتحدة يدها مباشرة بإحكام على المخازن والمنشآت النووية الباكستانية كافة. من ناحية أخرى، حذرت قيادة الجيش الباكستاني القيادة الأميركية يوم الأحد 2008/1/6، من التخطيط لعمليات عسكرية سرية في منطقة القبائل المحاذية للحدود الأفغانية غرب البلاد، بعدما أكد تقرير أميركي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" أن اجتماعا في البيت الأبيض ناقش خطة من هذا النوع في حضور نائب الرئيس ديك تشيني ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس وعدد من كبار مستشاري الرئيس جورج بوش لشؤون الأمن القومي، وبحث خيارات تتضمن عمل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية مع قوات العمليات الخاصة في الجيش الأميركي، لضرب أهداف في مناطق القبائل الباكستانية.
تعمد تسريب أسرار نووية
نقلت صحيفة "صانداي تايمز" الصادرة في لندن يوم 6-1- 2008، عن مترجمة سابقة تتقن اللغة التركية كانت تعمل لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي في الولايات المتحدة(FBI) اسمها سيبل إدموندز قولها أن مسؤولين في الولايات المتحدة سمحوا لدول مثل باكستان وإسرائيل وتركيا بسرقة أسرار الأسلحة النووية الأميركية. وقالت الصحيفة البريطانية أن سيبل إدموندز أكدت أنها قد استمعت إلى تسجيلات لآلاف المكالمات الهاتفية الملتقطة أثناء عملها في مكتب التحقيقات الفيدرالي في واشنطن ، وترجمت أحاديث سجلتها الوكالة سراً لدبلوماسيين أتراك، كما وصفت كيفية استخدام عملاء الاستخبارات الأجنبية دعم مسؤولين أميركيين لإقامة شبكة من المتعاونين في المؤسسات العسكرية والنووية في الولايات المتحدة . وأكدت إدموندز أنها"استمعت إلى دليل على أن مسؤولاً بارزاً في الخارجية الأميركية كان يتقاضى أموالاً من عملاء أتراك في واشنطن لقاء تزويدهم بمعلومات حساسة باعوها في السوق السوداء إلى دول من بينها باكستان" . ونسبت الصحيفة إلى ادموندز قولها إن "الأتراك والإسرائيليين زرعوا متعاونين في المؤسسات العسكرية والأكاديميات الأميركية التي تتعامل مع التقنية النووية، كانوا يزودونهم بمواد نووية لبيعها في السوق السوداء وكان الباكستانيون من بين مشتري هذه المواد".
أضواء على البعد الصاروخي للتسخين الراهن
تتضمن منظومة الدفاع الأميركية المضاد للصواريخ في الوقت الراهن 18 صاروخاً اعتراضياً تنطلق من منصات فوق سطح الأرض، منها: 16صاروخاً في ألاسكا وصاروخان في كاليفورنيا. وتعتزم واشنطن رفع هذا العدد بحلول العام 2013 إلى 54 صاروخاً، منها 40 في ألاسكا، وأربعة في كاليفورنيا، وعشرة في بولندا. وتقوم شركة "بوينغ"، التي تشرف على صناعة صواريخ الاعتراض الأميركية، ببناء عدد إضافي من هذه الصواريخ ، كما تنوي هذه الشركة، الرائدة في صناعة الأجهزة الجوية والفضائية ، تركيز جهودها على دمج نظام الرادار (SBX) والليزر المركب على المنصة الجوية في منظومة الدفاع الصاروخي الوطني.
من المعروف أن الأنظمة المضادة للصواريخ تعتمد إجمالا على تكنولوجيا بالغة الدقة لإصابة قذيفة بقذيفة. حيث تصطدم القذيفة المعترضة بصاروخ عابر للقارات أثناء تحليقه على ارتفاع أدنى من ارتفاعه المداري، وتؤدي قوة الاصطدام إلى تدمير الصاروخ القادم والصاروخ المعترض الذي لا يحتاج في هذه الحالة إلى رأس متفجر، وإنما يعتمد على كفاءة عالية تضمن له دقة الإصابة. يحتاج استهداف مثل هذا الصاروخ الاعتراضي إلى إجراءات رد خلال فترة تتراوح بين دقيقتين إلى 15 دقيقة، وهذه فترة زمنية أقصر كثيراً من إجراءات الردع النووي التي كان معمولا بها أثناء الحرب الباردة السابقة، إذ كانت الفترة المتاحة المعتمدة لتوجيه الضربة الانتقامية، أو الضربة الثانية، هي ثلاثين دقيقة. وعلى الرغم من ذلك، يمكن القول إن مهمة اعتراض الرؤوس النووية العابرة للقارات في الفضاء، تقع عملياً عند حدود المستحيل ، إذ يتحرك الهدف بسرعة 24000 كيلومتر في الساعة، محاطاً بوسائل خداع متعددة وعند هذه النقطة بالذات يركز الأميركيون ردهم على مخاوف روسيا من أن الدرع الصاروخي في أوروبا يستهدف صواريخها الاستراتيجية. لكن الأمريكيين يتحاشون التعليق على تقارير ذكرت أن الولايات المتحدة تعتزم نشر بعض أسلحتها الاستراتيجية في الفضاء الكوني، وبالأخص وضع عناصر نظام الدفاع المضاد للصواريخ في مدار حول الأرض.
وهكذا طغت الاستراتيجية النووية، متجاوزة الأسلحة التقليدية، ومتكاملة مع التوسع في اعتماد وتطبيق الإستراتيجية الفضائية، الأمر الذي يفرض بالضرورة تحولات في تطوير وسائل الصراع وأساليبه، بحيث باتت الصدارة للالكترونيات التي تتداخل مع الصواريخ والأسلحة النووية ومركبات الفضاء والأقمار الاصطناعية. لقد باتت إدارة الحرب النووية والفضائية تحتل مركزا متقدما في استراتيجيات الدول الفاعلة، وتجسد هذا في المباشرة في إعداد منصات صاروخية عائمة في المحيطات، والتهيئة لإقامة منصات فضائية لإطلاق صواريخ ذات رؤوس نووية وصواريخ مضادة للصواريخ، وكذلك مختبرات ومصانع فضائية لأسلحة كيماوية وبيولوجية، إضافة إلى تطوير آلاف من أقمار صناعية أكثر تطورا وفعالية. ويكاد ينجز مشروع (الغبار الذكي) لتطوير لواقط إلكترونية دقيقة للغاية، كل منها بحجم حبة غبار، لكنها تؤدي عمل كمبيوتر حقيقي كامل ينجز مهام الحسابات والاتصالات والذاكرة وسواها. (كمال مساعد، محطات فضائية وجزر..، الحياة، 2008/1/19).[/size]
تعزيز دور البحرية الروسية وتوسيع انتشارها
أعلن الأميرال فلاديمير ماسورين، قائد البحرية الروسية، في مطلع آب (أغسطس) 2007، أن بلاده تنوي إعادة تأسيس وجود بحري دائم لها في البحر المتوسط. وقد لفت المراقبون الغربيون النظر على الفور إلى أن الخبراء الروس موجودون بالفعل في ميناءي طرطوس واللاذقية السوريين، وأن أنباء سابقة قد تحدثت قبل سنة عن اتفاق على إعادة إنشاء قاعدة بحرية روسية في طرطوس، تجديداً لوضع كان فيه أسطول البحر الأسود الروسي يتمركز وينشط في شرقي البحر المتوسط إبان الحرب الباردة، لكنه تخلى عن هذه الميزة الاستراتيجية وانسحب من المنطقة عقب انهيار الاتحاد السوفيتي في العام 1991 ،
إن إعادة وجود الأسطول الروسي في المياه المتوسطية إعلان واضح بأن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لم تعودا طليقتي اليدين في مياه البحر الأبيض المتوسط، وأن روسيا تمضي قدما نحو إعادة توازن القوى على الصعيد الاستراتيجي العالمي، متجاوزة حالة الشلل والانكفاء- بل حتى التبعية- التي عانت منها أثناء حكم بوريس يلتسين. وهذه خطوة في سياق خطوات تلاحقت مؤخرا، مثل إعلان الرئيس الروسي بوتين يوم 2007/8/17 عن استئناف 79 قاذفة استراتيجية روسية تحمل أكثر من 900 صاروخ نووي من طراز كروز، طلعاتها فوق محيطات العالم، بعد توقف هذه الطلعات منذ انهيار الاتحاد السوفيتي . وقد تباهى الجنرال أندروسوف ، قائد سرب تلك القاذفات، بأن هذه الطلعات اضطرت الولايات المتحدة الأمريكية إلى استنفار طائراتها المقاتلة إلى الجو قرب القاعدة الأمريكية في جزيرة غيام الباسيفكية، كما قام الرئيس بوتين بحركة بارعة عندما أعلن انسحاب بلاده من معاهده خفض الأسلحة التقليدية في أوروبا (CFE) وأنذر باستئناف سباق التسلح إذا نفذت الولايات المتحدة تحديها بنشر أنظمة دفاعها ضد الصواريخ في بولندا وتشيكيا.
وهكذا تحتدم اللعبة النووية أكثر، في زمن تلاحق حروب شنتها القوات الأمريكية والأطلسية، بعدما توهم العالم أن سلاما آمنا قد أعقب انتهاء الحرب الباردة قبل عقدين من السنين.
ألله يكفينا شرون أحسن شي وفخاري يكسر بعضو