من أغاني الإسكيمو
يمتاز شعر الإسكيمو ببراءة كلماته وغرابة صوره ، فهو يجوب تاريخًا قديمًا مفعمًا بالتقاليد و الخرافات. لكن بدأ هذا الشعر، وتحت وطأة الحضارة المعاصرة، يفقد الكثير من حِسّه ، فلم يعد رجل الإسكيمو يقضي أوقاته في الصراع مع الطبيعة من أجل سلّةٍ من الأسماك يغذي بها أطفاله ، فهو قد شرع في استهلاك "الهمبرجر" الأمريكي ولم يعد في أوقات فراغه يحدّق في القمر المعلق في السماء خلف صحاري الثلج باحثاً عن "غزالة" قلبه ولكنه يقضي المساء بعينين نصف مغمضتين أمام الشاشة المرئية وبصحبة زجاجات الجعة التي شرعت تفتك بكبده
1ـ أغنيةُ الصيّادِ العجوزِ
هذا أنا في فراغِ السنين
واقفٌ في أعالي جبال الجليد
منتظراً، وسط الظلامِ، مجيء "الغزالة"
ترى هل تجيءُ لقلبٍ عجوز؟
لأين تمر السنون
وتذهبُ بعد الغروبِ "غزالةُ" قلبيِ؟
ترى هل تراني
مثل يوم الصبا
يوم كانت ذراعاي مثل الرياح
وهي تطلق سهمي
لأبعد ممّا تراه عيون الشبابِ؟
ترى هل تعود
"غزالةُ" قلبي
لشيخٍ عجوز؟
2ـ أغنيةُ طائرِ الوقواق
انهضوا الآن
استيقظوا
من سبات الشتاء الطويل الذي
أثقل فيكم عيون الصباح
وأثقلكم
من الشرقِ تشرقُ شمسُ الحياة
فانهضوا الآن يا أخوتي
لقد بدأ طائر الوقواق في الغناء
بدأ الآن…ألا تسمعون؟
انهضوا، ولا تتركوا الصيف يهرب
منكم
انهضوا قبل مجيء الشتاء
ألا تسمعون
عبر فجرِ الكلامِ أغاني الطيور؟
3ـ أغنيةُ الخوفِ
رأيتُ ذئبين
ذئبين أبيضين كبيرين
اقتربا منّي
وطفقا يبحثان عن رائحتي
لكنّي هربتُ بجلدي
قتلتُ واحدًا منهما
وذهب الآخر، هرب بجلده
رأيته في صحارى الثلج يجري
كان خائفًا
وكنت خائفًا
لكنّي بكيت
حين عرفت أنّي كنتُ بلا رائحة
4ـ أغنيةُ المغنيةُ العجوز
للأسف كان صوتيَ متكسرًا متصدعا
حين رغبتُ في الغناء
لمّا سمعتُ بمجيء الأحبة من بعيد
أردتُ أن أغنّي لهم أغنيةً
حول النار
" آيا ياى!
آيا ياي! "
ها أنا أنسي النارَ التي تستيقظ
في صدري
وأنسى حشرجات الصوتِ التي
تخرج من رئتَيْ
حين أتذكر أيّام الصبا و أغنّي
في ذلك الوقت، لم يقدر أحد
على سلخِ عجولِ البحرِ مثلي
ولا علي سلخِ "الغزلان" في لحظة
هكذا في أسرع من البرق
أمّا الآن فإنّ صوتيَ متكسرٌ متصدعٌ
الآن تحرق النار رِئَتَيْ
وأنا أغنّي فوق الجبلِ
محدّقة في الشمس التي تختفي
في السماء بلا نهاية